سورة الشعراء - تفسير تفسير الخازن

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الشعراء)


        


{والذي أطمع} أي أرجو {أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين} أي يوم الجزاء والحساب قيل: خطيئته كذباته الثلاث وتقدم الكلام عليها.
(م) عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم، ويطعم المسكين أكان ذلك نافعا له؟ قال: «لا ينفعه إنه لم يقل يوماً رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين» وهذا كله احتجاج من إبراهيم على قومه، أنه لا يصلح للإلهية إلا من يفعل هذه الأفعال {رب هب لي حكماً} قال ابن عباس: معرفة حدود الله وأحكامه وقيل: العلم والفهم {وألحقني بالصالحين} أي بمن سلف قبلي من الأنبياء في المنزلة والدرجة العالية {واجعل لي لسان صدق في الآخرين} أي ثناءً حسناً وذكراً جميلاً وقبولاً عاماً في الأمم التي تجيء بعدي، فأعطاه الله ذلك وجعل كل الأديان يتولونه، ويثنون عليه {واجعلني من ورثة جنة النعيم} أي ممن تعطيه جنة النعيم لأنها السعادة الكبرى {واغفر لأبي إنه كان من الضالين} قيل دعا لأبيه على رجاء أن يسلم فيغفر له فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه {ولا تخزني} ولا تفضحني {يوم يبعثون} وهو يوم القيامة {يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من آتى الله بقلب سليم} أي خالص من الشرك والشك فأما الذنوب فلا يسلم منها أحد قال سعيد بن المسيب القلب السليم هو الصحيح وهو قلب المؤمن لأن قلب الكافر والمنافق مريض وقيل: القلب السليم هو الخالي من البدعة المطمئن إلى السنة {وأزلفت الجنة} أي قربت {للمتقين وبرزت الجحيم} أي أظهرت {للغاوين} أي للكافرين {وقيل لهم} يعني يوم القيامة {أين ما كنتم تعبد ون من دون الله هل ينصرونكم} أي يمنعونكم من عذاب الله {أو ينتصرون} لأنفسهم {فكبكبوا} قال ابن عباس جمعوا وقيل قذفوا وطرحوا بعضهم على بعض وقيل: ألقوا على رؤوسهم {فيها} أي في جهنم {هم والغاوون} يعني الآلهة والعابدين وقيل: الجن والكافرين {وجنود إبليس أجمعون} يعني أتابعه ومن أطاعه من الإنس والجن وقيل ذريته {قالوا وهم فيها يختصمون} يعني العابدين والمعبودين {تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم} أي نعدلكم {برب العالمين} فنعبد كم {وما أضلنا} يعني دعانا إلى الضلال {إلا المجرمون} يعني من دعاهم إلى عبادة الأصنام من الجن والإنس، وقيل: الأولون الذي اقتدينا بهم وقيل يعني إبليس وابن آدم من دعاهم إلى عبادة الأصنام من الجن والإنس، وقيل: الأولون الذي اقتدينا بهم وقيل يعني إبليس وابن آدم الأول وهو قابيل، وهو أو من سن القتل وأنواع المعاصي {فما لنا من شافعين} يعني من يشفع لنا يعني كما أن للمؤمنين شافعين من الملائكة والأنبياء {ولا صديق حميم} أي قريب يشفع لنا، يقول ذلك الكفار حين يشفع الملائكة والنبيون والمؤمنون، والصديق هو الصادق في المودة مع موافقة الدين عن جابر بن عبد الله قال سمعت رسول الله صلى الله عليه سلم يقول:
«إن الرجل يقول في الجنة ما فعل بصديقي فلان وصديقه في الجحيم، فيقول الله عز وجل أخرجوا له صديقه إلى الجنة، فيقول من بقي فما لنا من شافعين ولا صديق حميم» رواه البغوي بإسناد الثعلبي. وقال الحسن: استكثروا من الأصدقاء المؤمنين فإن لهم شفاعة يوم القيامة {فلو أن لنا كرة} أي رجعة إلى الدنيا {فنكون من المؤمنين} أي أنهم تمنوا الرجعة حين لا رجعة لهم.


{إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين} أي مع هذه الدلائل والآيات {وإن ربك لهو العزيز الرحيم} أي المنتقم الذي لا يغالب وهو في وصف عزته رحيم. قوله عز وجل: {كذب قوم نوح المرسلين} اي كذبت جماعة قوم نوح، قيل: القوم مؤنثة وتصغيرها قويمة. فإن قلت: كيف قال المرسلين وإنما هو رسول واحد وكذلك باقي القصص. قلت: لأن دين الرسل واحد وإن الآخر منهم جاء بما جاء به الأول فمن كذب واحد من الأنبياء فقد كذب جميعهم {إذ قال لهم أخوهم نوح} أي أخوهم في النسب لا في الدين {ألا تتقون} أي ألا تخافون فتتركوا الكفر والمعاصي {إني لكم رسول أمين} أي على الوحي، وكان معروفاً عندهم بالأمانة {فاتقوا الله} أي بطاعته وعبادته {وأطيعون} أي فيما أمرتكم به من الإيمان والتوحيد {وما أسألكم عليه من أجر} أي من جعل وجزاء {إن أجري} أي ثوابي {إلا على رب العالمين فاتقوا الله وأطيعون} قيل: كرره ليؤكده عليهم ويقرره في نفوسهم وقيل ليس فيه تكرار معنى الأول ألا تتقون الله في مخالفتي وأنا رسول الله ومعنى الثاني ألا تتقون الله في مخالفتي وإني لست آخذ منكم أجراً {قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون} أي السفلة قال ابن عباس: يعني القافة وقيل هم الحاكة والأساكفة {قال} يعني نوحاً {وما علمي بما كانوا يعملون} أي وما أعلم أعمالهم وصنائعهم، وليس علي من دناءة مكاسبهم وأحوالهم شيء إنما كلفت أن أدعوهم إلى الله تعالى، وما لي إلا ظواهر أمرهم وقال الزجاج الصناعات لا تضر في الديانات وقيل: معناه إني لم أعلم أن الله يهديهم ويضلكم ويوفقهم ويخذلهم {إن حسابهم إلا على ربي لو تشعرون} أي لو تعلمون ذلك ما عيرتموهم بصنائعهم {وما أنا بطارد المؤمنين} أي عني وقد آمنوا {إن أنا إلا نذير مبين} معناه أخوف من كذبني فمن آمن فهو القريب مني ومن لم يؤمن فهو البعيد عني {قالوا لئن لم تنته يا نوح} أي عما تقول {لتكونن من المرجومين} أي من المقتولين بالحجارة وهو أسوأ القتل وقيل من المشتومين {قال رب إن قومي كذبون فافتح} أي احكم {بيني وبينهم فتحاً} أي حكماً {ونجني ومن معي من المؤمنين فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون} أي الموقر المملوء من الناس والطير والحيوان {ثم أغرقنا بعد الباقين} أي بعد إنجاء نوح ومن معه {إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم} قوله تعالى: {كذبت عاد المرسلين إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون إني لكم رسول أمين} أي أمين على الرسالة فكيف تتهمونني اليوم {فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين أتبنون بكل ريع} قال ابن عباس: أي بكل شرف وفي رواية عنه بكل طريق، وقيل: هو الفج بين الجبلين وقيل: المكان المرتفع {آية} أي علامة وهي العلم {تعبثون} يعني بمن مر بالطريق والمعنى، أنهم كانوا: يبنون بالمواضع المرتفعة ليشرفوا على المارة والسابلة فيسخروا منهم ويعبثوا بهم، وقيل إنهم بنوا بروج الحمام فأنكر عليهم هو باتخاذها، ومعنى تعبثون تلعبون بالحمام {وتتخذون مصانع} قال ابن عباس أبنية وقيل قصوراً مشيدة وحصوناً مانعة، وقيل مآخذ الماء يعني الحياض {لعلكم تخلدون} أي كأنكم تبقون فيها خالدين لا تموتون.


{وإذا بطشتم} أي وإذا أخذتم وسطوتم {بطشتم جبارين} أي قتلاً بالسيف وضرباً بالسوط والجبار الذي يضرب ويقتل على الغضب، وهو مذموم في وصف البشر {فاتقوا الله وأطيعون} فيه زيادة زجر عن حب الدنيا والشرف والتفاخر {واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون} أي أعطاكم من الخير ما تعلمون ثم ذكر ما أعطاهم فقال {أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون} فيه التنبيه على نعمة الله تعالى عليهم {إني أخاف عليكم} قال ابن عباس إن عصيتموني {عذاب يوم عظيم} فكان جوابهم أن {قالوا سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين} أي أنهم أظهروا قلة اكتراثهم بكلامه، واستخفافهم بما أورده من المواعظ والوعظ كلام يلين القلب يذكر الوعد والوعيد {إن هذا إلا خلق الأولين} قرئ بفتح الخاء أي اختلاق الأولين وكذبهم وقرئ خلق بضم الخاء، واللام أي عادة الأولين من قبلنا أنهم يعيشون ما عاشوا ثم يموتون ولا بعث ولا حساب وقولهم {وما نحن بمعذبين} أين أنهم أظهروا بذلك تقوية نفوسهم فيما تمسكوا به من إنكارهم المعاد {فكذبوه فأهلكناهم إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم} قوله تعالى: {كذبت ثمود المرسلين إذ قال لهم أخوهم صالح ألا تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه أجر إن أجري إلا على رب العالمين أتتركون فيما ها هنا آمنين} أي في الدنيا من العذاب {في جنات وعيون وزروع ونخل طلعها} أي ثمرها الذي يطلع منها {هضيم} قال ابن عباس: لطيف وعنه يانع نضيج وقيل: هو اللين الرخو. وقيل: متهشم يتفتت إذا مس. وقيل: الهضيم هو الذي دخل بعضه في بعض من النضج أو النعومة وقيل هو المدرك {وتنحتون من الجبال بيوتاً فارهين} وقرئ فرهين قيل: الفاره الحاذق بنحتها والفره قال ابن عباس: الأشر والبطر وقيل: معناه متجبرين فرحين معجبين بصنعكم {فاتقوا الله وأطيعون ولا تطيعوا أمر المسرفين} قال ابن عباس: أي المشركين وقيل يعني التسعة الذين عقروا الناقة {الذين يفسدون في الأرض} أي بالمعاصي {ولا يصلحون} أي لا يطعيون الله فيما أمرهم {قالوا إنما أنت من المسحرين} أي المسحورين المخدوعين وقال ابن عباس: من المخلوقين المعللين بالطعام والشراب {ما أنت إلا بشر مثلنا} والمعنى أنت بشر مثلنا ولست بملك {فأت بآية} يعني على صحة ما تقول {إن كنت من الصادقين} يعني أنك رسول إلينا {قال هذه ناقة لها شرب} أي حظ من الماء {ولكم شرب يوم معلوم}.

1 | 2 | 3 | 4